أنتلجنسيا مغربنا 1-Maghribona 1
في الوقت الذي يواجه فيه المواطن المغربي صعوبات متزايدة نتيجة ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، تلجأ الحكومة إلى تبرير هذه الأزمة بارتفاع أسعار الاستيراد عالمياً. وتُسوق هذا الارتفاع كسبب رئيسي وراء الأوضاع الاقتصادية المتأزمة، متجاهلة في المقابل الجانب المشرق الذي يمكن أن تلعبه الصادرات في دعم الاقتصاد الوطني.
المغرب، بفضل موقعه الجغرافي وموارده الطبيعية، يُعد من أبرز منتجي الفوسفاط في العالم، إلى جانب تصدير الأسماك، الخضر، الفواكه، والمعادن كالذهب والفضة. هذه القطاعات تحقق مداخيل ضخمة للدولة، ومع الارتفاع المستمر في أسعار الفوسفاط والمعادن عالميًا، يتساءل المواطن المغربي:
-أين تأثير هذه المكاسب على الاقتصاد الوطني؟ ولماذا لا تُترجم إلى تحسين في القدرة الشرائية وتخفيف أعباء الاستيراد؟
في الوقت الذي تشتكي فيه الحكومة من ارتفاع تكلفة استيراد المواد الأساسية كالقمح والزيت والوقود، يبدو أن هناك تجاهلاً تاماً لمداخيل الصادرات التي يُفترض أن تكون قادرة على تحقيق توازن اقتصادي. الفوسفاط، الذي يُعتبر “ذهب المغرب الأبيض”، عرف زيادة في الأسعار على الصعيد الدولي، ما يعني زيادة في مداخيل المغرب من هذه الثروة الطبيعية. إضافة إلى ذلك، قطاع الصيد البحري والزراعة يصدر كميات هائلة إلى الأسواق الأوروبية والدولية، ومع ذلك لا ينعكس هذا على المواطن البسيط.
السؤال الجوهري الذي يطرحه المغاربة هو: هل عائدات الصادرات غير كافية لتغطية تكاليف الاستيراد، أم أن هناك سوء إدارة لتلك الموارد؟ أم أن الحكومة تختار التركيز فقط على ما يبرر الأزمة دون تقديم حلول عملية تبرز من خلال الاستفادة من ثروات البلاد؟
الشفافية في إدارة الموارد والثروات الوطنية باتت ضرورة ملحة. فالمواطن المغربي بحاجة إلى مصارحة واضحة حول مصير هذه المداخيل وكيفية استغلالها، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الراهن. لا يمكن أن يُطلب من الشعب التحلي بالصبر في مواجهة غلاء الأسعار بينما تُهمّش إمكانيات الصادرات التي من شأنها تخفيف العبء الاقتصادي.