مغربنا 1 جريدة إلكترونية مغربية


“كريمي”:المغرب يرفض جبر الضرر للمعتقلين الإسلاميين..أبعاد سياسية وحقوقية

بقلم:مصطفى كريمي

في خطوة مثيرة للجدل، رفضت الدولة المغربية معالجة ملف جبر الضرر للمعتقلين الإسلاميين، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول الموقف السياسي للمملكة تجاه هذا الملف الشائك.

يأتي هذا الرفض وسط دعوات مستمرة من هيئات حقوقية ونشطاء سياسيين تطالب بتسوية عادلة وشاملة لملف المعتقلين، خاصة هؤلاء الذين سُجنوا في سياق “الحرب على الإرهاب” التي انطلقت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.

منذ بداية الألفية، شهد المغرب حملة اعتقالات واسعة في صفوف من وُصفوا بالإسلاميين، حيث اتهمتهم الدولة بالتورط في قضايا تتعلق بالتطرف والإرهاب. تعرض العديد من هؤلاء المعتقلين لمعاملة قاسية خلال التحقيقات والمحاكمات، وفقًا لشهادات جمعيات حقوق الإنسان، ما أثار استياءًا كبيرًا داخل البلاد وخارجها. ومع بروز تجربة العدالة الانتقالية في المغرب من خلال “هيئة الإنصاف والمصالحة”، تفاءل البعض بأن يشمل هذا الإطار المعتقلين الإسلاميين، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك.

يرى مراقبون أن قرار الدولة برفض جبر الضرر للمعتقلين الإسلاميين ليس مجرد موقف قانوني، بل يحمل أبعادًا سياسية عميقة. فالسلطات تعتبر أن العديد من هؤلاء المعتقلين ارتكبوا جرائم تهدد أمن الدولة والمجتمع، وبالتالي ترى أن منحهم تعويضات أو الاعتراف بأنهم ضحايا قد يُفهم على أنه تراجع أمام الضغوط أو تنازل عن مبدأ سيادة القانون.

من ناحية أخرى، قد يكون هذا الرفض مرتبطًا بالرغبة في الحفاظ على توازن سياسي دقيق بين القوى المختلفة في البلاد، حيث تخشى الدولة من أن يكون التعويض لهؤلاء المعتقلين بمثابة دعم غير مباشر للفكر المتطرف، مما قد يؤدي إلى تأجيج المزيد من التوترات داخل المجتمع المغربي.

لم تقف الهيئات الحقوقية مكتوفة الأيدي إزاء هذا الرفض، حيث دعت عدة منظمات مغربية ودولية إلى ضرورة إعادة النظر في الملف، مشيرة إلى أن المصالحة الوطنية يجب أن تشمل جميع الأطراف دون استثناء. وتؤكد هذه المنظمات أن تجاهل معاناة المعتقلين الإسلاميين من شأنه أن يعرقل مسار الديمقراطية ويؤثر سلبًا على صورة المغرب في المحافل الدولية.

قد يؤدي استمرار رفض الدولة المغربية لمعالجة ملف جبر الضرر إلى تعميق الانقسامات داخل المجتمع، وإثارة المزيد من الاحتقان السياسي. فالمعتقلون الإسلاميون يشكلون جزءًا من نسيج المجتمع، وأي تجاهل لحقوقهم قد يُنظر إليه على أنه سياسة تمييزية، وهو ما يمكن أن يُستغل من قبل الحركات المتطرفة لتجنيد المزيد من الأفراد.

يظل ملف المعتقلين الإسلاميين في المغرب تحديًا كبيرًا للحكومة والفاعلين السياسيين، حيث تتداخل فيه أبعاد سياسية، قانونية، وحقوقية. وبينما تسعى الدولة للحفاظ على استقرارها الداخلي ومواجهة التحديات الأمنية، يظل جبر الضرر قضية محورية تتطلب معالجة شاملة لضمان استمرارية مسار المصالحة الوطنية وتعزيز الثقة بين الدولة والمواطنين.

 

 



شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.