“الحيداوي” يكتب:تقصير الدولة في إعادة إدماج المعتقلين الإسلاميين..بين الحق في العدالة الانتقالية وضرورة المراجعة الشاملة
بقلم:الكاتب الصحفي عبد الفتاح الحيداوي
منذ العقود الأخيرة، شهدت المملكة المغربية موجات متتالية من الاعتقالات التي طالت عناصر تنتمي إلى التيارات الإسلامية، خاصة عقب أحداث إرهابية عصفت بالبلاد، مثل أحداث 16 مايو 2003 في الدار البيضاء. ورغم أن المملكة كانت قد قطعت شوطًا كبيرًا في مجال الإصلاح السياسي والحقوقي، خاصة مع إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة التي كانت تهدف إلى معالجة انتهاكات حقوق الإنسان، إلا أن ملف المعتقلين الإسلاميين، وخصوصًا القدامى منهم، ظل بعيدًا عن الأضواء ولم يحظَ بنفس القدر من الاهتمام.
يشكو المعتقلون الإسلاميون، الذين قضوا سنوات طويلة خلف القضبان، من غياب الرعاية اللازمة لإعادة إدماجهم في المجتمع بعد الإفراج عنهم. ويشمل هذا الإدماج الجانب النفسي والاجتماعي والاقتصادي، وهي جوانب تعتبر أساسية لاستعادة حياة كريمة وضمان عدم الانزلاق مرة أخرى في دوائر التطرف أو الانعزال.
تجارب الدول الأخرى، التي واجهت تهديدات مشابهة من قبل الجماعات المسلحة أو الإرهابية، تُظهر أهمية إعادة الإدماج، ليس فقط كعملية تعويض معنوي للمعتقلين، ولكن كوسيلة للوقاية من انتشار التطرف من جديد. وفي حالة المغرب، فإن تقصير الدولة في توفير برامج إعادة الإدماج المناسبة للمعتقلين الإسلاميين يعتبر نقطة ضعف في منظومة العدالة الانتقالية التي تسعى البلاد إلى تحقيقها منذ عقود.
تأتي المطالبات الحالية للمعتقلين الإسلاميين بدور أكبر للمنظمات الحقوقية في مساعدتهم للحصول على حقوقهم كمواطنين، بعيدًا عن أي انتماءات أيديولوجية، كمؤشر على فقدان الثقة في بعض المنظمات التي تتبنى أجندات سياسية معينة. المعتقلون يريدون من هذه المنظمات أن تكون وسيطًا نزيهًا، يضمن عدم تمييزهم بسبب أفكارهم أو خلفياتهم السياسية.
في هذا السياق، يجب على المنظمات الحقوقية المغربية والدولية أن تستجيب لهذا النداء بمسؤولية وحياد. إن معالجة قضايا المعتقلين الإسلاميين يجب أن ترتكز على أسس حقوقية شاملة تتجاوز الخطابات الأيديولوجية، لتركز على المبدأ الأساس في حقوق الإنسان، وهو الكرامة الإنسانية لكل فرد.
لا يقتصر إعادة الإدماج على الحرية الجسدية فقط. بل يجب أن ترافقها حقوق أخرى، منها الحق في العمل، والرعاية الصحية، والتأهيل النفسي. المعتقلون الإسلاميون، وخصوصًا القدامى منهم، تعرضوا على مدى سنوات لعزلة اجتماعية وابتعاد عن سوق العمل. بالتالي، فإنهم بحاجة إلى برامج تدريب مهني ودعم مالي يساعدهم على العودة إلى الحياة الاقتصادية.
إهمال هذا الجانب الاقتصادي قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل النفسية، مما قد يدفع بعضهم إلى الشعور بالإقصاء والتهميش، وهو ما يزيد من احتمالات العودة إلى التطرف. لذلك، من المهم أن تُصمم الدولة سياسات إدماج تشمل التمكين الاقتصادي كأحد عناصرها الأساسية.
القضية هنا ليست فقط قضية المعتقلين الإسلاميين، بل هي أيضًا جزء من الصورة الأوسع للإصلاح السياسي في المغرب. إذا أرادت الدولة أن تستكمل مسار الإصلاح، فإنه يجب عليها التعامل مع هذا الملف بروح جديدة تعتمد على الشفافية والشمولية.
إن خلق بيئة تتسع للجميع، بما في ذلك التيارات الإسلامية التي تخلت عن العنف واحتكمت إلى القانون، سيسهم في تعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي. وفي هذا السياق، يجب على الدولة أن تعمل على مراجعة شاملة لسياساتها في التعامل مع المعتقلين السابقين، وتوفير الدعم اللازم لإعادة إدماجهم، كي لا يكونوا عرضة للإقصاء أو الاستغلال السياسي.
إن ملف المعتقلين الإسلاميين في المغرب يمثل تحديًا كبيرًا للدولة والمجتمع المدني على حد سواء. لا يمكن حل هذا الملف عبر مقاربة أمنية فقط، بل يجب أن تشمل المقاربة كافة جوانب الإدماج الاجتماعي والنفسي والاقتصادي. كما يجب أن تتعاون المنظمات الحقوقية مع الدولة لتقديم حلول شاملة، تتجاوز الأيديولوجيات وتركز على الإنسان وحقوقه الأساسية.
مستقبل الاستقرار في المغرب يعتمد بشكل كبير على قدرة الدولة على تحقيق العدالة الاجتماعية والمصالحة الوطنية. فالمعتقلون، سواء كانوا إسلاميين أو غيرهم، هم جزء من هذا المجتمع، ويجب أن يجدوا فيه مكانًا يعترف بكرامتهم الإنسانية وحقوقهم الأساسية.
للأسف الشديد الدولة تدير ظهرها لهذه الفئة خصوصا أنها تعرضت للإختطاف والمحاكمات الغير العادلة وأشد أنواع التعذيب بشهادة ملك البلاد في تصريح صحفي مع جريدة البأسك الإسبانية فلايمكن بأي حال من الأحوال أن ندعو للإستقرار في ظل الظلم والإستهتار بكرامة المواطن المغربي فالواجب الآن إيجاد حلول موضوعية من طرف الدولة لضحايا الإختطاف والإعتقال التعسفي والتعذيب وجبر الضرر الذي لحقهم جراء معاناتهم قبل وبعد الإعتقال وطي صفحة الماضي بشكل نهائي . وإما ستظل الدولة تدور في حلقة مفرغة . فهل من عقل رشيد .