هل مدارس الريادة هي الحل أم مجرد غطاء لفشل بنموسى في إصلاح التعليم؟!
أنتلجنسيا مغربنا 1-Maghribona 1
بينما يُغرق المسؤولون المغاربة الساحة بمصطلحات براقة مثل “الريادة” و”الابتكار”، تتزايد التساؤلات حول جدوى هذه المبادرات في ظل نظام تعليمي يعاني من أعطاب هيكلية عميقة.
“مدارس الريادة” هو المصطلح الجديد الذي يروج له هؤلاء، كأنه العصا السحرية القادرة على انتشال المغرب من هوّة الفشل التعليمي والاقتصادي.
لكن دعونا نطرح السؤال بوضوح: هل نحتاج فعلاً إلى مدارس ريادة في بلد يعجز طلابه عن تحصيل أساسيات العلم في الرياضيات واللغة؟ أم أن القصة برمتها مجرد “شو إعلامي” هدفه إلهاء الرأي العام عن المشاكل الحقيقية؟
في الوقت الذي يفتخر فيه المسؤولون بإطلاق هذه المدارس، نرى أن الفصول الدراسية مكتظة، والقرى المغربية البعيدة محرومة حتى من أبسط ضروريات التعليم، كالكهرباء والماء الصالح للشرب. فهل يا ترى ستغطي “مدارس الريادة” كل هذه الاحتياجات، أم أنها وُجدت فقط لتبرير فشل السياسة التعليمية وإيهام المغاربة بأن الطريق إلى النجاح يعتمد على بضع ورشات عن “كيفية إنشاء مشروع ناجح”؟
ما يجري هو محاولة جديدة لتفريخ جيل من “رواد الأعمال الوهميين”، الذين لا يملكون سوى كتيبات صغيرة تتحدث عن كيفية “التفكير خارج الصندوق”، بينما الواقع يكبلهم داخل صناديق الفقر والبطالة. كأن الحكومة تقول للشباب المغربي: “لا تنتظروا منا حلولا حقيقية، بل تعلموا كيف تصبحون روادًا لتخلقوا الحلول بأنفسكم”! إنها وصفة جديدة للهروب من المسؤولية، وكأن التعليم الجيد أصبح رفاهية لا يستطيع المغرب توفيرها إلا لقلة محظوظة، أما البقية فعليهم أن يكونوا “روادًا” في البحث عن لقمة العيش.
ألم يكن من الأجدر، عوض خلق مدارس الريادة، العمل على رفع جودة التعليم الأساسي؟ تحسين ظروف المدرسين الذين يتحملون العبء الأكبر؟ أم أن الهدف هو خلق واجهة براقة تُخفى وراءها الفشل في إدارة الموارد والميزانيات المخصصة للتعليم؟ فما جدوى ريادة الأعمال في مجتمع يغرق في الفقر، والبطالة، ويعاني من ضعف البنية التحتية التعليمية؟
قد يُقال إن “مدارس الريادة” جزء من رؤية أكبر لمغرب يتطلع إلى المستقبل، لكن أي مستقبل هذا الذي يتم الترويج له؟ مستقبل تُعطى فيه الأولوية لإطلاق مبادرات ومشاريع شكلية، بينما تُهمل الحاجات الأساسية؟ مستقبل يتحول فيه التعليم إلى أداة لإنتاج “رواد أعمال” عاطلين عن العمل، بدلًا من مواطنين قادرين على المساهمة الفعلية في بناء اقتصاد قوي ومستدام؟
الحقيقة التي لا يريد الاعتراف بها أصحاب هذه المشاريع، هي أن “مدارس الريادة” لن تكون إلا حلقة جديدة في مسلسل الهروب من مواجهة الواقع التعليمي المزري. هي مجرد ورقة إضافية في ملف الإنجازات الوهمية التي تُقدّم على أنها إصلاحات حقيقية، بينما الواقع يصرخ بأننا بحاجة إلى تعليم حقيقي، تعليم يمكّن من المعرفة، ويؤهل لسوق العمل بجدارة، لا أن يدفع بالشباب إلى مغامرات تجارية غير مضمونة، فقط لأن الحكومة عاجزة عن خلق مناخ اقتصادي يوفر فرص شغل حقيقية.
لن تغير هذه المدارس شيئًا من واقع التعليم الرديء الذي يعاني منه أبناء الشعب المغربي. فهل أصبح الحل هو تعليم أبنائنا “الفشل بإبداع” بدلًا من الاعتراف بأن السياسات الحكومية هي التي تحتاج إلى إعادة صياغة من الجذور؟