أخنوش بين قمم الثروات وأعماق الأزمات..ملياردير في قائمة فوربس ومسؤول عن جيوب المغاربة الفارغة
أنتلجنسيا مغربنا 1-Maghribona 1
في كل عام، تنشر مجلة فوربس قائمتها الشهيرة لأثرياء العالم، ويصاحبها زخم إعلامي يسلط الضوء على الشخصيات التي حققت نجاحات مالية كبيرة.
ولكن حين نرى اسم رئيس الحكومة المغربي، عزيز أخنوش، يحتل المرتبة 14 بين أثرياء القارة الأفريقية بثروة تقدر بـ 1.7 مليار دولار، نتساءل: هل هذه القائمة تحكي فقط قصة نجاح أم أنها تحمل في طياتها معضلة سياسية عميقة يعيشها الشعب المغربي؟
أخنوش، رئيس مجموعة “أكوا” التي تهيمن على قطاع توزيع الطاقة في المغرب، ليس غريبًا عن قوائم الأغنياء، إذ اعتاد على أن يظهر فيها بانتظام. ولكن ما يثير الاستغراب هو التناقض الصارخ بين هذه الإنجازات المالية الضخمة والواقع الاقتصادي المرير الذي يعيشه المغاربة. فبينما تتراكم الثروات في قمة الهرم، يتدهور حال المواطنين في القاعدة. ألا يبدو هذا السيناريو مألوفًا في الأنظمة التي تخلط بين السياسة والمال؟
في الوقت الذي يزداد فيه ثراء أخنوش، يعاني المواطن المغربي من ارتفاع أسعار الوقود، الكهرباء، والمواد الغذائية. إذا كان رئيس الحكومة يجمع بين السياسة والمال، فما الذي يجمع بينه وبين أزمة جيوب المغاربة؟ هل هي مجرد صدفة أن يكون رجل أعمال ناجحًا يترأس حكومة في فترة اقتصادية حالكة؟ أم أن هناك خللًا بنيويًا في توزيع الثروة وإدارة الشأن العام؟
من جهة أخرى، يحتل عثمان بنجلون، رئيس بنك BMCE، المرتبة 15 بثروة تقدر بـ 1.6 مليار دولار. لكن الفارق هنا هو أن بنجلون لم يتولَ مسؤولية جيوب المغاربة، ولم يفرض عليهم سياسات أدت إلى تفاقم الوضع المعيشي. إنه ببساطة رجل أعمال يعمل في مجال البنوك والتأمين، ولا يختلط عمله التجاري بصنع القرار السياسي.
بالعودة إلى رئيس الحكومة، هل يعقل أن تدار شؤون البلاد من قبل شخص يعيش في عالم من الأرقام الخيالية والمليارات، بينما يعيش معظم المواطنين في دوامة البحث عن الكفاف؟ هل يمكن لرجل تتجاوز ثروته المليار دولار أن يشعر بمعاناة المواطن الذي يعاني من ارتفاع أسعار الخبز والزيت والوقود؟
الخطاب الحكومي عادة ما يتحدث عن “التحديات الاقتصادية العالمية”، وكأن المواطن البسيط هو من عليه دفع الثمن بينما يتمتع البعض في القمة بتكديس المزيد من الأرباح. السياسات التي تتخذها حكومة أخنوش تبدو وكأنها تصب في مصلحة الشركات الكبرى أكثر من مصلحة الشعب. فعندما يرتفع سعر الوقود والكهرباء، من الذي يجني الأرباح؟ هل هو الشعب الذي يصارع يومياً لتغطية تكاليف حياته، أم الشركات التي يستثمر فيها رئيس الحكومة؟
قد يقول البعض إن أخنوش، بصفته رجل أعمال ناجح، يمتلك القدرة على إنقاذ الاقتصاد المغربي. ولكن، أليس هذا هو نفس المنطق الذي يُستخدم دائمًا لتبرير تداخل المال والسياسة؟ هل خفضت سياساته أسعار الوقود؟ هل أسهمت في تحسين معيشة المواطن؟ أم أن تلك السياسات جعلت الوضع أكثر تعقيدًا؟
في نهاية المطاف، تبدو قائمة فوربس، التي تضم اسم أخنوش وأمثاله من الأثرياء، كمرآة عاكسة لواقع السياسة في المغرب. ففي حين تتراكم الثروات، تتراكم الأزمات، ويتزايد الغضب الشعبي. ربما حان الوقت لتسأل الحكومة نفسها: هل جاء أخنوش لخدمة المواطن، أم لجمع المليارات؟ وإذا كان الهدف هو المليارات، فلماذا لا يفتح الباب أمام المواطنين للالتحاق بهذا “النادي الحصري” ويخبرهم كيف يمكن لهم الاستفادة من “فرص” هذا الاقتصاد؟
ربما على المغاربة أن يتخذوا خطوة غير تقليدية ويفكروا في دخول عالم السياسة… يبدو أنه المجال الأكثر ربحاً في الوقت الراهن.