مغربنا 1 جريدة إلكترونية مغربية


التعديل الوزاري..إصلاحات عاجلة أم مصالح مؤجلة

أنتلجنسيا مغربنا 1-Maghribona 1 

مع دخول الحكومة الحالية في مرحلتها الأخيرة، والتعديل الوزاري الجديد الذي أتى بمجموعة من الأسماء تحت شعار “الكفاءات”، يتساءل الكثير من المغاربة عن مدى جدية هذا التعديل في إحداث تغيير حقيقي وإصلاح القطاعات الحيوية التي تمثل شريان الحياة بالنسبة للمواطنين، خاصة في مجالات الصحة، التعليم والتشغيل. فهل هذه الحكومة الجديدة، التي لم يتبقَ لها سوى 20 شهراً، قادرة على تقديم إجابات ملموسة لتطلعات الشعب المغربي، أم أن التعديل الأخير لا يعدو أن يكون عملية توزيع “إكراميات” سياسية وامتيازات على بعض الأشخاص، في إطار تصفية حسابات داخلية أو إرضاء لمصالح شخصية؟

إن الأوضاع التي تعيشها القطاعات الحيوية في المغرب، وتحديداً الصحة والتعليم، تعتبر معضلات تراكمت عبر السنين وتطلبت إرادة سياسية قوية وتخطيطاً استراتيجياً بعيد المدى. مع ذلك، تبدو الحكومة اليوم وكأنها في سباق مع الزمن، حيث أصبح مطلب الإصلاح الحقيقي أكثر إلحاحاً. فمع تجدد الوعود بالإصلاحات الكبرى وتحسين الخدمات العامة، يبقى الشارع المغربي في حالة من الترقب والشك، حيث أن تجارب الماضي أثبتت أن الحكومات المتعاقبة غالباً ما تعد بتغييرات جذرية دون أن تفي بتلك الوعود.

20 شهراً هي مدة قصيرة في عمر أي حكومة لتقديم حلول جذرية لمشاكل مزمنة. فالوقت، وإن كان عنصراً مهماً، ليس العامل الوحيد. فهل تملك هذه الحكومة بالفعل الإمكانيات اللازمة لتحقيق هذه الإصلاحات في ظل التعقيدات البيروقراطية والسياسية؟ إن الرهان على “الكفاءات” يعني، من الناحية النظرية، أن الأسماء التي تم تعيينها لديها الخبرة والرؤية اللازمتين لتفعيل التغيير المطلوب، إلا أن التحديات الهيكلية التي تواجه هذه القطاعات تجعل البعض يشكك في إمكانية تحقيق أي تقدم ملموس خلال هذه الفترة القصيرة.

كما أن سرعة التحرك في تنفيذ السياسات والخطط الإصلاحية تتطلب انسجاماً وتعاوناً بين كافة الأطراف السياسية والاقتصادية. لكن مع وجود توازنات حزبية وتداخل مصالح بين الأطراف المختلفة، قد يكون من الصعب تجاوز العوائق البيروقراطية والسياسية التي عادة ما تعرقل أي مبادرة جادة نحو الإصلاح. ففي حين يرى البعض أن التعديل الوزاري جاء لتحفيز الإصلاحات المنتظرة، يرى آخرون أن هذه الحكومة قد لا تختلف كثيراً عن سابقاتها، وأنها قد تقع في نفس فخ المحسوبية والامتيازات التي لطالما انتقدها الشعب المغربي.

مع كل تعديل وزاري، تُطرح تساؤلات حول خلفيات التعيينات الجديدة والمعايير التي يتم اعتمادها لاختيار الوزراء. في التعديل الأخير، ظهرت وجوه جديدة إلى جانب بعض الأسماء القديمة التي لطالما أثارت الجدل، وهو ما زاد من حدة التساؤلات: هل تم اختيار هؤلاء الوزراء بناءً على كفاءاتهم الفعلية وقدرتهم على تحقيق التغيير المطلوب، أم أن التعيينات جاءت في إطار تصفية حسابات داخلية أو إرضاء مصالح نخبوية؟

إن هذا التعديل يأتي في وقت حساس للغاية، حيث تتزايد الضغوط على الحكومة لتحسين الظروف المعيشية وتحقيق العدالة الاجتماعية. ومع ذلك، يظل السؤال حول مدى فعالية هذا التعديل الوزاري في تحقيق تغيير حقيقي، خاصة وأن الحكومة تواجه العديد من التحديات الاقتصادية والسياسية، التي تتطلب توافقاً وطنياً وإرادة حقيقية للإصلاح.

مع كل إعلان عن تعديل وزاري أو حكومة جديدة، يظل الشارع المغربي في حالة ترقب وانتظار. فالوعي السياسي لدى المواطنين أصبح أكثر نضجاً، وأصبحوا يطالبون بأفعال وليس فقط وعود. وعلى الرغم من الآمال المعقودة على حكومة “الكفاءات”، فإن الشكوك تظل قائمة. فالتجارب السابقة علمت المغاربة أن وعود الإصلاحات غالباً ما تصطدم بالواقع، وأن ما ينتظرونه من تحسين في القطاعات الحيوية قد يتأخر أو لا يتحقق إطلاقاً.

إن حكومة الكفاءات الأخيرة تجد نفسها اليوم أمام اختبار صعب ومعقد. فالوقت قصير، والتحديات كبيرة، والآمال المعقودة عليها ضخمة. يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن هذه الحكومة من كسب ثقة الشعب المغربي وتقديم ما وُعد به، أم أنها ستنضم إلى سلسلة الحكومات التي خيبت الآمال وتركت الأوضاع على حالها؟

يبدو أن الإجابة عن هذا السؤال ستبقى رهن الأيام المقبلة، حيث سيتابع المواطن بترقب ما ستقدمه هذه الحكومة في الأشهر المتبقية لها، وسط أمل في أن يكون التغيير هذه المرة حقيقياً وليس مجرد شعار آخر.



شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.