أنتلجنسيا مغربنا 1-Maghribona 1:ياسر اروين
رغم التطورات السياسية التي شهدها المغرب في العقدين الأخيرين، تجد المعارضة نفسها في وضع متأزم يتسم بالتشتت وضعف الأداء.
هنا يُطرح السؤال:لماذا باتت المعارضة غير قادرة على مجاراة الأغلبية الحكومية؟ وكيف يمكن لهذا الضعف أن يؤثر على التوازن السياسي والاستقرار في المغرب؟
أزمة إنتاج نخب جديدة
تشير التقارير إلى أن الأحزاب المعارضة، تواجه صعوبات في تجديد نخبها، إذ لا تظهر قيادات جديدة قادرة على تقديم حلول مبتكرة أو جذب الناخبين.
هذا الجمود يعمق الفجوة بين الشارع السياسي والمواطنين، الذين يعانون من قضايا البطالة وتدهور الخدمات الأساسية.
فالأحزاب، أصبحت تكرر نفس الخطاب دون تقديم بدائل واقعية، مما أدى إلى تراجع الثقة فيها بشكل ملحوظ وازدياد عزوف الشباب عن الانخراط في السياسة.
فحتى بعض الأحزاب اليسارية، التي كانت تاريخياً حاملة لهموم الطبقات الشعبية، تبدو اليوم عاجزة عن مواكبة المستجدات الاجتماعية والاقتصادية، وتغرق في نقاشات نخبوية إن صح التعبير، غير مؤثرة على المستوى الشعبي.
صعوبات قانونية وهيكلية
رغم الصلاحيات التي منحتها التعديلات الدستورية لعام 2011، بما في ذلك المشاركة في التشريع ورئاسة اللجان البرلمانية، لا تزال المعارضة غير قادرة على استغلال هذه الامتيازات بفعالية.
فضعف التنسيق بين الأحزاب المعارضة، وتضارب المصالح الداخلية، يعيقان قدرتها على تشكيل جبهة موحدة وقوية، قادرة على مراقبة الأداء الحكومي أو طرح بدائل حقيقية.
تأثيرات الشارع ووسائل التواصل الاجتماعي
مع تراجع الأداء البرلماني والسياسي والميداني للمعارضة، ظهرت قوى احتجاجية من خارج الإطار الحزبي، معتمدة على وسائل التواصل الاجتماعي والاحتجاجات الشعبية للتعبير عن المطالب.
هذا التحول ينذر بضعف تمثيلية الأحزاب داخل المؤسسات، وقد يؤدي إلى خلق توترات جديدة، إذ يصبح الشارع أكثر تأثيراً في توجيه السياسات الحكومية من المعارضة التقليدية.
استنتاجات وتوصيات
يُعد الوضع الحالي، الذي تعيش في ظله المعارضة، تهديداً محتملاً للاستقرار السياسي في حال استمرارية ضعف المعارضة.
فهناك حاجة إلى مراجعة شاملة للأدوار الحزبية، والبحث عن آليات جديدة لتعزيز التنسيق بين الأحزاب المعارضة وتطوير خطابها السياسي.
وبدون هذا الإصلاح، ستبقى الحكومة في موقع مريح بدون رقابة فعلية، بينما يظل الشارع الملاذ الوحيد للتعبير عن المطالب والتظلمات.
باختصار، إن غياب رؤية استراتيجية لدى المعارضة، وعدم قدرتها على التجديد، يجعل من الضروري التفكير في إصلاحات جوهرية، لاستعادة دورها (المعارضة)المحوري في النظام الديمقراطي المغربي.