التعديل الحكومي بين وعود الإصلاح وسؤال الكفاءة..هل يفضل أخنوش رجال الأعمال بقبعة سياسية؟
أنتلجنسيا مغربنا 1-Maghribona 1:الشيخ بوعرفة
في لقاء إعلامي استراتيجي جمع بين رئيس الحكومة عزيز أخنوش والصحفي يوسف بلهيسي، خرج أخنوش بخطاب يعكس رؤيته حول التعديل الحكومي الأخير، مبررًا هذه الخطوة بضرورات سياسية وأخرى اقتصادية في منتصف الولاية.
وذكر أخنوش أن هذا التعديل، بعد ثلاث سنوات من العمل الحكومي، يهدف إلى تسريع وتيرة تنزيل البرامج الاجتماعية والاقتصادية التي يقودها جلالة الملك، مضيفًا أن “التعديل الحكومي هو عُرف عالمي” تسعى من خلاله الحكومات في مختلف الدول إلى مراجعة سياساتها وتقييم أداء وزرائها.
لكن، هل يأتي هذا التعديل بفاعلية حقيقية أم أنه “تحديث للوجوه” دون تغيير ملموس للسياسات؟
وأشاد أخنوش بالكفاءات الجديدة التي استُقدمت إلى الحكومة، معتبرًا أنها تضم “حنكة” وخبرة في مجالي السياسة والتسيير.
غير أن هذه التصريحات تفتح المجال لتساؤلات حول فلسفة رئيس الحكومة في اختيار الوزراء الجدد، إذ بدا وكأن المعايير الجديدة تغلب عليها صفات رجال الأعمال ممن يمتلكون خلفية اقتصادية وتجربة في مجال التسيير.
هذا التوجه يثير أسئلة عميقة حول ما إذا كانت الحكومة تفضل فعليًا “رجال أعمال بقبعة سياسية”، على حساب السياسيين الذين يمتازون بخبرة ميدانية وقدرة على التفاعل مع المواطن مباشرة.
فهل يعتبر هذا المسار تعزيزًا للاقتصاد أم استبعادًا لمفهوم السياسة كممارسة جماهيرية تهدف إلى خدمة المصلحة العامة؟
وفي سياق يزداد فيه الضغط على الأسر المغربية بفعل الارتفاع المتواصل للأسعار، حاول أخنوش أن يخفف من حدة الانتقادات، ملقيًا اللوم على التضخم العالمي الذي زعم أن حكومته استطاعت احتواء بعض من مظاهره. لكن، التصريحات أخذت منحى أكثر جدلية عندما ربط رئيس الحكومة بين التشغيل وكميات الأمطار المتوقعة، قائلاً بأن تحسن الأوضاع في سوق العمل مرهون بسنة مطيرة، وهو ما يثير العديد من علامات الاستفهام حول مدى اعتماد السياسة الاقتصادية للبلاد على التغيرات المناخية، وهل يمكن القبول بأن تظل حياة المغاربة رهينة لأمزجة الطقس وتقلبات المناخ؟
بهذه التصريحات، يبدو أن رئيس الحكومة يغفل عن حاجة المغرب لسياسات اقتصادية واجتماعية أكثر استدامة، قادرة على خلق فرص عمل حقيقية بغض النظر عن الظروف المناخية، وتستند إلى رؤى اقتصادية واضحة بعيدًا عن الارتباط المؤقت بالأمطار، الذي قد يكون له وقع أكبر على القطاع الفلاحي دون غيره من القطاعات الاقتصادية الحيوية.
وفي ظل هذه الرؤية، يبقى المواطن المغربي في حيرة أمام موقف حكومي يظهر أحيانًا وكأنه يغلب مصلحة “الاقتصادي البحت” على حساب السياسي المسؤول عن خدمة المجتمع.
فهل تكون هذه المقاربة فعالة في مواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، أم أن الحكومة تسعى لإبراز صورة “المسير القوي” و”رجل الأعمال الحاذق” في المجال السياسي؟ وهل يعتبر هذا التوجه بداية لحقبة جديدة من “الخصخصة السياسية”، حيث تهيمن عقلية الأعمال والتسيير الإداري على المناصب الحكومية، أم أنه خطوة نحو إدخال فعالية وحكمة رجال الأعمال في الشأن العام؟
ومع استمرار غياب خطط استراتيجية واضحة للتنمية الشاملة وخلق فرص عمل في مختلف القطاعات، يبدو أن وعود الإصلاح تحتاج أكثر من مجرد تعديل حكومي لتصبح واقعًا ملموسًا للمغاربة.
فهل ستتمكن هذه الوجوه الجديدة بخبراتها “التسييرية” من كسب ثقة المواطن وإحداث التغيير الذي تنتظره البلاد، أم ستظل السياسات المعلنة مجرد شعارات تراوح مكانها في غياب الإرادة السياسية الحقيقية للتغيير؟