مغربنا 1 جريدة إلكترونية مغربية


قصص من التاريخ : عواصم المملكة المغربية ربما لم تسمع عنها من قبل..

مغربنا1-Maghribona1:القاسمي/ع
بالإضافة إلى قائمة العواصم التي يعرفها الجميع، مثل : الرباط وفاس ومراكش ومكناس، يوجد في المغرب العديد من المدن المنسية التي كانت بمثابة عواصم للأسر الحاكمة المتعاقبة، أحيانًا لفترات قصيرة.

على مر التاريخ، كان للمغرب عدة عواصم ، وبالإضافة إلى أشهرها مثل مراكش وفاس والرباط، اهتمت مختلف السلالات التي حكمت المملكة ببناء عواصمها وتحصينها.

وبناء على حساباتهم السياسية والعسكرية الخاصة في ذلك الوقت، بنوا عواصم مجهولة ثم هجرواها.
حجر النصر و تارودانت و أغمات، كلها عواصم، سقطت في العار بعد سنوات من المجد أو عندما فقد قادتها السلطة.
وفي بعض الحالات، يتم التخلي لأنه لم يعد مكاناً جيوسياسياً لبسط سيطرته على المملكة.

كانت هذه القلعة الواقعة شرق العرائش الحالية.  هي زاوية سيدي مزوار الإدريسي التي تحولت إلى عاصمة للمغرب و هي الملاذ الأخير لسلالة الإدريسيين، التي حكمت المغرب من 788 إلى 974.

وكانت حجر النصر او (صخرة النسر) بمثابة عاصمة عسكرية وسياسية مهمة لهذه الأسرة الأولى، في الوقت الذي كان قادتها في أمس الحاجة إلى الحماية
“حجر النصر” هي بالفعل إحدى العواصم المغربية التي لا يعرفها إلا القليل من الناس.

تقع هذه المدينة في شمال غرب المغرب بالضبط شرق العرائش الحالية ، ويمثل تاريخها نهاية حقبة السلالة الإسلامية الأولى في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا.

ولم يكن إنشائها امتيازا، بل كان حلا استراتيجيا متأثرا بالوضع السياسي للمملكة في ذلك الوقت.
يعتقد المؤرخون أن حجر النصر تم بناؤه بعد طرد الإدريسيين من فاس، عاصمتهم التي بنوها بأنفسهم ومركز قوتهم منذ فترة طويلة.

“جاء هذا بعد أن طردهم بربر مكناسة من عاصمتهم، اضطر الإدريسيون إلى التحالف مع الأمويين في قرطبة، الذين سمحوا للسلالة بإعادة تشكيل نفسها”، كما كتب: “جوزيف دبليو ميري” في كتابه “الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى” (طبعات تايلور ☆ فرانسيس، 2006


ويذكر جوزيف مري أن حماية الأمويين ساعدت الأسرة المغربية، في أواخر عمرها، على بناء “في الثلاثينيات من القرن الماضي ؛ عاصمتها حجر النصر”.
في نفس الظروف، يشير: “إيمانويل كواكو أكيامبونج” ، و”هنري لويس جيتس”، و”ستيفن ج نيفن” في “قاموس السيرة الذاتية الأفريقية” (طبعات OUP USA، 2012)، إلى أن المدينة بنيت بالأحرى في “منتصف القرن التاسع” على يد “ أجداد ابن المشيش فرع من الإدريسيين” الذين طردوا هم أيضا من فاس.

وعلى الرغم من اختلاف القصص قليلاً المتعلقة بهذه العاصمة القديمة، إلا أن معظم المؤرخين يتفقون على أن المدينة اكتسبت شهرة وقوة بسبب “الصراع بين الأمويين والفاطميين” في ذلك الوقت.
ومع ذلك، على الرغم من “وقوعها في الصراع” بين الإمبراطوريتين، إلا أن “الأراضي التي سقطت في أيدي الإدريسيين استولت عليها قوات زناتة”، مما يمثل نهاية السلالة الأولى في المغرب الإسلامي عام 974.


تقع “تارودانت” في وادي سوس جنوب المغرب، وهي لا تقل أهمية عن العواصم الإمبراطورية الأخرى للمملكة.
وفي الواقع، فإن المدينة الصغيرة الواقعة شرق أكادير، والتي أسستها الأسرة السعدية كعاصمة لها، تشترك في العديد من الخصائص مع مراكش.
تمامًا مثل مدينة قصر الحمراء، كانت تارودانت عاصمة هذه السلالة الجنوبية التي حكمت المغرب من 1549 إلى 1659.


وكما هو الحال في مراكش، كانت مدينة سوس بمثابة حصن للسعديين بينما كانوا لا يزالون يبحثون عن وترسيخ نفسها كقوة حاكمة.

تكشف كتب التاريخ أنه “قبل فتح مراكش، كانت تارودانت عاصمة لهم”، كما كتب : “مظفر حسين سيد”، وسيد سعود أختار، وبي دي عثماني في كتابهم “التاريخ المختصر للإسلام”.

ظلت المدينة عاصمة ومركز قوة الأسرة لفترة من الوقت، قبل أن يقرروا احتلال مراكش.

وبحسب كتاب “دليل المغرب مع موريتانيا”، فإن تارودانت تلقب بـ “جدة مراكش من قبل سكانها المحليين”.

على الرغم من أنها بنيت حتى قبل استيلاء السعديين على السلطة، إلا أن هذه المدينة الواقعة في جنوب المملكة ستشهد، بفضلهم، “أعظم فترة في تاريخها”، كما كتب هوليداي.

ويضيف المنبر نفسه: “شرع الأمير محمد الشيخ سعدي في تحصين المدينة، التي تتميز بأبوابها الخمسة المقوسة ذات العمارة المغاربية، والتي أصبحت أول عاصمة للسعديين”.
كانت المدينة نابضة بالحياة اقتصاديًا، وكانت بها واحدة من أعرق الجامعات في ذلك الوقت، وكانت موطنًا لبعض أعظم العلماء في القرن السادس عشر.
إلا أن مزايا عدة لم تمنع السلاطين السعديين من مغادرتها والتوجه شمالاً.


جنوب شرق مراكش، تتمتع أغمات أيضًا بتاريخ مشابه لتاريخ تارودانت.
لو كانت قصة أغمات كتابا، لكان لمراكش فصل كبير.
المدينة المغرة خطفت الأضواء بالفعل لتجذب أنظار يوسف بن تاشفين وزوجته “زينب نفزاوية”.
مثل تارودانت، كانت أغمات أيضًا مركزًا سياسيًا وتجاريًا مزدهرًا خلال السنوات الأولى من حكم المرابطين (1040-1147).

كانت عاصمة في جنوب المغرب وتحيط بها “حدائق غنية ومروية جيدًا”، كما وصفها عبد الله بن بلغين في كتابه “التبيان: مذكرات عبد الله ببلغين، آخر أمير زيريدي بغرناطة”.

ويتذكر قائلاً: “كانت أغمات مركزًا ثقافيًا نشطًا اجتمع فيه العديد من العلماء من قرطبة والقيروان اللتين مزقتهما الصراعات”.

وبرزت أهمية أغمات من خلال الدور الذي لعبته بالنسبة للمرابطين.
بالنسبة لهم، كانت المدينة “المقر الرئيسي والعاصمة للسنوات الثلاثة عشر التالية”، كما كتب أبو عبيد البكري في كتابه “كتاب المسالك والمماليك” (كتاب الطرق والملوك).

لكن المدينة لم تبق على قيد الحياة لفترة طويلة، حيث قرر قادة المرابطين جعل مراكش عاصمتهم الجديدة.


وكان من الممكن أن يكونوا “غير مرتاحين، عند سفح جبال الأطلس الكبير، حيث يقيم خصومهم”.
ونتيجة لذلك، فقدت أغمات هيبتها وتلاشى لصالح مراكش، العاصمة التالية لسلالة المرابطين.
وفي الختام، لا بد من التذكير بأن “حجر النصر” التي كانت سابقا عاصمة الإدريسيين وتقع شرق العرائش الحالية و تارودانت وأغمات “لم تكن العواصم المغربية القديمة الوحيدة التي هجرتها السلالات لصالح مدن أخرى.

وعانت العديد من المدن الأخرى من نفس المصير، مثل حالة تازة، عاصمة الدولة المرينية، وأنفا (الاسم السابق للدار البيضاء) وأزمور، وهما مدينتان كانتا لفترة وجيزة عاصمتين لولاية بورغواطة.



شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.