مغربنا 1 جريدة إلكترونية مغربية


الإخوان الرفاق أيام من حياتي .. في معركة التأسيس

مغربنا 1 المغرب 

السي محمد اليتيم ..

نعم لي غادي يولي وزير في حكومة الربيع العربي الزفت بعد 24 سنة من أول تساطيحة داخل قاعة الأساتذة لثانوية العامرية ببني ملال .. من أول لحظة يجرك حنين الإخوان للإخوان وهذا هو الشيء الطبيعي وأنت القادم محملا بمشروع تغيير للعالم ، لاشيء في دماغك يحركك حيثما تكون سوى تنزيل مشروعك على الأرض وزرع فكرتك لعلها تينع ثورة ..

لا حديث مع المرتدين سياسيا ، وكنا نعني بهم خط بن كيران ..

لا حديث عن الإصلاح والتصالح والمصالحة فالسياسة تولد من فوهات البنادق .. انه الإسلام ومنطق القوة .. هكذا كنا مقتنعين .. وهكذا قالها السيد حسين فضل الله ..

تتخرج شابا في 25 من العمر ويرمى بك في مدينة نائية لا أثر فيها لحركة جند الله .. مهمتك الأولى إذن أن تؤسس عملا في موقعك رغم انقطاع حبل التواصل مع التنظيم مدة طويلة .. قيل بعدها انه تم تجميد العمل التنظيمي مدة سنوات لاعتبارات موضوعية وأمنية .. واحق مولانا غي التخربيق وكل الأمور شخصية وفقط .. بعدين ساعرف هذا ..

لا يهم فأنت التنظيم حيثما كنت ولا قيمة لشيء اسمه قيادة .. فأنت القيادة كما في أحد مفاهيم الأرضية التوجيهية حيث لا قداسة لأحد ولا سلطة لأحد إلا بمقدار أولوية العطاء والبدل ..

القاعدة القيادية والقيادة القاعدية ..

يمكن القول أن العمل الوحيد المنظم الذي كان متواجدا حينها بشكل حقيقي في مدينة بني ملال هم الجماعة الإسلامية باعتبار أسبقية الأستاذ اليتيم في المدينة وهو القيادي داخل الشبيبة الإسلامية وأول رئيس للجماعة الاسلامية منذ 81 .. بما يعني قطاعات وأطر فعلا كثيرة بمقياس العدد وأغلبهم من تلامذته الذين سيصبحون أساتذة جامعيين في نفس المدينة مع برامج تكوين المكونين حينها الكوكوط مينوت وفتح الدولة لشعب الدراسات الاسلامية التي سيسيطرون عليها ومنها ستصير كثير من المجالس العلمية تحتضنهم لتتوفر لهم كل شروط التمدد ..

وكان علي أن اقرأ هذا الواقع جيدا حتى لا أخطئ وضع خطواتي في هذا الوضع الذي كنت أراه موبوء بالمعنى الأمني خاصة وهو زمن الاتهامات بالقفة لأصحاب اليتيم و بن كيران والخلطي وهكذا توصيفات و حروب تنظيمية كانت في بداية اشتعالها بينهم و أسرة الجماعة و أتباع الشيخ عبد السلام ياسين رحمه الله ..

شاءت الأقدار أن يكون أول سكن لي هناك في حي الهدى وخلف بيت الأستاذ “سي فارس” مسؤول المدينة في العدل والإحسان لمدة طويلة .. وكان من الطبيعي بحكم الجيرة والمسجد والنقاشات التي كان يتقنها الإخوان وهم يتجمعون جماعات بلا نهاية بعد كل صلاة ببوابات المساجد يناقشون كل شيء خاصة وهو زمن الإنتفاضة الفلسطينية الأولى ونجم حماس الإخوانية يسطع والشيخ أحمد ياسين رحمة الله عليه ..

كان طبيعيا أن تكون هناك محاولات لاستقطابي من الجميع ولاعتبارات كثيرة ، وهو الشيء الذي جاريته حينها ..(( ماكاين ماكاين ما يدار أجي نشوفو اش كاين ف هاد المرميطة د الاخوان )) .. لأحضر بعدها جلسات قليلة مع الإخوة بهدف التزكية الروحية حقيقة باعتبار معرفتي القديمة بالجماعة ومحبتي الحقيقية للشيخ عبد السلام ياسين ، دون الدخول في اختلافي مع نظرية القومة والخلافة الراشدة ..

وأنا ليس من طبعي الجدل ولا الملاجة مع أي كان وكثيرا ما تركت الجمل بما حمل وأرض الله واسعة تسع الجميع وهذا مع كل التوجهات الفكرية التي أختلف معها تنظيميا .. لم يكن يهمني أن أشن غزوات فكرية داخل هذا الإطار أو ذاك فكل ميسر لما خلق له ..

فمن السهل أن أفتنهم فكريا عما هم فيه باعتبار المنظومة الفكرية التي كنا نحمل داخل الاختيار الاسلامي لكنهم قد لا يكونوا صالحين لي في التنظيم ، والأولى أن يبقوا حيث هم لمصلحة الجميع ..

ولأن ، بغيتي أو كرهتي ، فطبيعة الأيام أن يثار النقاش حولك فكثيرون يبحثون عن بديل .. بديل آخر عما كان موجودا .. قررت أن أتوارى للخلف وقد بدأت أشكل خلايا تلاميذية ستكون نواة الإعلان عن فصيل طلبة الميثاق في كلية الآداب بني ملال بعد سنوات ..

العمل التلاميذي ليس سهلا كما يبدو لأن مساحات التماس مع التنظيمات الأخرى كثيرة .. فكيف والتنظيم سري ليفرض عليك النفس الطويل والإختيار الدقيق لنوعية خاصة تتميز اجتهادا و نباهة وسلوكا ليبقى التنظيم في دائرة القلة لكن هذا لم يشكل مشكلا باعتبار الأكثرية في المفهوم القرآني رديفة للغثائية .. أو هكذا كنت أفهم على الأقل ..

كان من الطبيعي أن يتمدد التأسيس نحو قطاع الأخوات والبداية من تلميذاتي القريبات ، لكن العائق الكبير كان هو وجود زوجة السي محمد اليتيم التي تدرس معي في نفس الثانوية و هي تجالس أغلب التلميذات في بيتها ، وبشكل علني ودون حساب ، لتكون المهمة صعبة حقا و تقتضي تروي حقيقي و تؤدة حتى تختار النوعية فعلا ، و تتلافى أي مطب أمني وهذا كانت له أولوية كبيرة بالنسبة لي ..

فعلا لا شيء كان يقف أمام إرادتنا ..

السي محمد اليتيم الرجل الأنيق اللباس ذو اللحية المشذبة التي يعمرها الشيب وربطة العنق لا تغادره .. يمشي بخيلاء طبيعي .. وأنا الدجينز والسبرديلة وكثيرا ما كنت أجمع حولي التلاميذ والأساتذة في مباريات تاريخية لكرة القدم في ساحة المؤسسة .. الشورط والتزعريط و المنافسات مع موظفي القطاعات الأخرى في الملعب الذي يقابل الثانوية .. يعني لا لحية لا سمت كما يراه سي محمد ولا تا وزة ..

سير ع الله ..

– الإخوان ديال لاموض La mode

كنت أضحك وهو يسخر مني كما قال وأنا آكل كاسكروط في قلب قاعة الأساتذة .. كناكل وكنعض شي نص كوميرة فيها شي حاجة ..

– إنها من خوارم الأخلاق كما يقول الفقهاء ..

زاد السي محمد ..

قتلاتني بالضحك ولا زالت هذه الكلمة تثير قهقهتي فعلا .. خوارم ، خرم يخرم تخريما خوارماا ..

-الإخوان الرفاق

زوينة هاذي إخوان ورفاق زيد البوديين و الزراديتشيين هههه ..

كان يصعب تحديد هوية كثيرين من أبناء الإختيار الاسلامي بمقياس الثقافة الحركية التي كانت سائدة والتي بطبيعتها تميل إلى التصنيفات البسيطة وخندقة الناس .. لكن خطابنا بما يحمل من لغة تحليل أقرب لليسار وميكانيزمات الصراع وتحديد العدو والنقيض الأساسي ثم رسم خريطة التحالفات و العداوات .. السرية والعلنية .. المرحلية ..

هذه الخريطة التي تميز التفكير ، كان يصعب حقيقة مجاراتها بالفكر وهنا يسهل الهروب للقذف و السب والإهام و الإرتكان لمنطقة التطهر المزيف التي تعفي صاحبها من قلق السؤال ، مخافة تدنيسه من واقع الحال الإكراهي بطبيعته وما يفرضه من معاناة عقلية حقيقية عند مغالبته ..

وهذا سر النكوصية الكبيرة في التفكير الاسلامي بشكل عام والحركي أيضا .. نميل جميعا للنصوص الجاهزة والأحكام الجاهزة والفتاوي الجاهزة حتى لو جاءتنا من ألف عام و من بلاد الواقواق .. غادي نلبسوها نلبسوها والسلام .. اش دانا للقرع د العقل نمشطو ليه راسو ..

السي مراد شاب من أبناء حي الهدى يتجاوز العشرين بقليل وهو متزوج وله أبناء ، يااا رب اش هادا .. يعمل في ورشة على طريقي اليومي للعمل ويجمعنا المسجد كل يوم كما سمته وتجربته الواضحة مع الإخوان .. كان مراد يشتعل غضبا ونباهة وذكاء غير عادي فعلا رغم مستواه الدراسي البسيط نسبيا .. لكن صحبتنا و نقاشاته كانت كبيرة وكبيرة جدا .. فهو من كان يقتني مجلة العالم اللندنية بحكم مجاورة محل عملهم لمكتبة صغيرة في حي الهدى .. ومع الأيام ،مراد نفسه من سيتكلف باقتناء مجلة المنطلق اللبنانية بشكل منتظم .. كان لمراد عبر تجربته صديقين حميمين يكبرانه شيئا ما ، سيتزوجان في نفس السنة وستكون أول خلية عمال في حي الهدى .. كي تتشكل محاضن حقيقية للعمل .. شباب رائعون كانوا .. تغير سي مراد كثيرا وطور نفسه كثيرا جدا ، اجتماعيا و فكريا ، كما لم يفعل أغلب أطر الحركة الاسلامية قيادات كثيرة وقواعد ، النباهة والاستحمار .. كان يعشق هذه العناوين و كتب علي شريعتي ..

أعرف أن سي مراد يضحك الآن و هو يتابع ما أكتبه على صفحتي .. وقد انتهى هذا الزمن كليا .. لقد تغيرنا كثيرا يا مراد .. لقد هرمنا فعلا .. وحدها المحبة ثابتة حقا ولن تزول .. ولا تنسوا الفضل بينكم .. ولا تبخسوا الناس أشياءهم ..

كان هؤلاء الإخوة قد فتحوا خلية جديدة للحرفيين في منطقة الغديرة الحمراء أساسها بعض الخياطة التقليديين وكنت بين الفينة والأخرى أحضر معهم للإشراف على سير البرنامج ..

خلية الأساتذة التي تشكلت تدريجيا ، لتتعزز في العام الموالي بتعيين السي الزايد من المدرسة العليا للاساتذة التقنية بالمحمدية في الثانوية التقنية وهو ابن دار القرآن بمراكش الذي يهد صوته الجبال إذا رتل القرآن .. السي الزايد سيكون إضافة نوعية للموقع وسيفتحنا على علاقات تنظيمية جديدة .. ومع الزايد فرقة حسب الله للاساتذة الموزعين بين موحى وحمو والثانوية التقنية والعامرية ..

لا يمكن أن تنسى تلميذك .. كان هو المسؤول التلاميذي .. وهو يقود احتجاجات التلاميذ يوم اجتاح صدام حسين الكويت لترد أمريكا بطحن الجيش العراقي .. لتكون بداية شرذمة العراق .. احتجاجات تقلبات حجر و تشيار كالعادة طبعا ليداهم المخازنية الثانوية واعتقلوه أمامك ..

كيف لا تذكره وهو التلميذ الذي استقطب يوما ما أستاذا جامعيا رجع حديثا من دراسته بمصر .. لكن فاش وصلات للصح قال لي ليلة ونحن خلف عين أسردون وسط أشجار الزيتون ، في جلسة أو هي كانت وقفة ومشية لكن تنظيمية ..

(( هادشي ديالكم فحال الجهاد الاسلامي بمصر مزيان و هو الصواب لكن أنا لا أستطيع تحمل مثل هذا العمل .. الله يوفقكوم ..)) ..

_ اذهب استاذي العزيز ، مكانك خطبة الجمعة في مسجد بوعشوش والله يلاقينا في زمان د الخير. .. وصافي ..

لقد أصبح رفيقي الزايد والأخ مراد عمودين تنظيمين لننتقل إلى مرحلة أهم بتأسيس خلية للمهندسين داخل معامل السكر وما أدراك ما أطر المدرسة المحمدية للمهندسين ومعهد الزراعة والبيطرة وهلم رجالا وتخصصات ..

ومن المضحكات المبكيات في زمن ما ، التحاق احد الأطر الكبيرة لحركة الطلائع العالمية بالمدينة ، هو القادم من اوروبا .. ولتداخل مفاهيمي بين التنظيمين ، كان من السهل تقريبه .. بل اصبحنا نحضر لقاءات الشهر الرباطية مع المرحوم إدريس الكتاني في نادي الفكر بأكدال ، ومعه برنامج طويل عريض بعضه عام وبعضه خاص .. كانت إرادتنا بلا حدود ، واستعداداتنا لا نهاية لها .. كما أيضا كان تمسخيطنا كبيرا جدا .. هنا اتذكر رفاقا من الطلبة القاعديين التحقوا بالتجربة .. موقع مراكش لازال شاهدا لحد الساعة .. ياك ..

لقد أصبح وجودنا يشكل حالة تنظيمية حقيقية بكل المقومات لنؤسس سنة93 جمعية الأفق التربوي والثقافي والمشاركة في تأسيس النادي السينمائي لبني ملال مع رفاق من اليسار ..

كنت أعرف أن رجالا مثلي في مواقع كثيرة يكدحون ، لا يهمهم أن يذكرهم أحد .. كل همنا كان أن نتقدم على خط التحريروالثورة كما كنا نعتقد .. إيه الثورة يا سيدي ..

بعد مدة طويلة تم ربط الاتصال من جديد بالقيادة من خلال الأخ عبد النور الذي عرفته طالبا في االرباط ولازال حينها ..

كان علي أن أنتقل إلى مدينة مكناس بعد ست سنوات في بني ملال .. الأخ الزايد سيرتقي للتدريس الجامعي لكنه سيختار تطليق كل شيء والهجرة إلى كندا ..

ستكون بعدها خضات حركية وخضات ..

وو .. والنهايات دائما بنت البدايات ..

كان محكوما بالفشل على التجربة من بدايتها .. لقد كانت تحمل في رحمها جينات موتها .. وانتحارها ربما !!

– يتبع-



شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.