مغربنا 1 جريدة إلكترونية مغربية


“رمضان وكثرة الخصومات”

وأنا صغير لم أبلغ الحلم من بعد، كادت تترسخ في ذهني، بل وتستحوذ على خاطري وبالي فكرة أن ثمة علاقة وطيدة وثيقة جمعت بين شهر رمضان وظاهرة الخصومات وكثرة المبارزات والتوترات، فلطالما بلغني وتناهى إلى فضول سمعي أن روحا سقطت هنا أو هناك أو هنالك مدرجة في دماء الغدر، ضحية لاضمحلال طاقة تحمل الحوار والأخذ والرد بالحسنى بين معشر الصائمين.
إنني وأنا صغير كادت تسيطر على مخيلتي تلك اللوحة الحزينة التي كان يرسم أيقونتها الغضبية الصائمون في نهار رمضان، إنني وأنا أتفرس في هذه الأجساد المرهقة المغمورة في وحل العياء يعلو سحنتها منظر مفجع، حطبه قابل للاشتعال وفحمه شديد التأثر والانفعال…
يمر بي المار وقد أوشك المؤذن أن يؤشر على اقتحام عقبة مائدة الإفطار أو الابتذار برشفة عميقة من دخان السيجارة قبل تحليل الصيام بالأسودين، فلا أكاد أسمع من المار إلقاء تحية أو نظرة منبعثة من وجه طلق يتصدق علي بصدقة الابتسامة، اللهم همس يصاحبه زفير ساخن، تحكي أنفاسه الحارة تفاصيل الكلل وتفضح نبرته خبيئة اللغوب، بل حتى جلسة الجالس قد اعتورها نوع من الاطراح، وكأن الجسد صار خشبة تحتاج إلى سند أو يعوز توازنها إسناد، لقد خذلت الجالس مفاصله ووهن منه العظم على سواد شعر، وضعفت عضلته وسكنت حركته.
إنها ظواهر تعرفت عليها صغيرا، ثم ما فتئت أصاحبها وقد بلغت أشدي، إذ لا يزال عنفها قائما، وما انفك حالها دائما، يوثر معه الصائم، ويفضل الممسك الخائف على صيامه من تداعيات عنت الطواف حول الأسواق، أو زيارة الملاعب، أو الحوم حول حمى يكثر عماره ويتقصف أصحابه.
وهذه سيرة البعض أو الجل من الناس في نهار رمضان، مع مستيقن أن القرين في سجن من الله يرسف في أصفاده كما دل الدليل من الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى وإن هو إلا وحي يوحى، ولكنها النفس المنفوسة بين الجوانح كأنها الشريك الخوان، أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي، نسأل الله أن يصلح الأحوال وأن يجعل الصيام جنة من شنيع الأفعال آمين



شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.