مغربنا 1 جريدة إلكترونية مغربية


الجهاد على تويتر: شبكات التواصل الاجتماعيّ للمقاتلين الغربيين في سوريا والعراق الحلقة الرابعة

مغربنا 1 المغرب 

خلال ثلاثة أشهر، بدءا من شهر يناير إلى شهر مارس 2014، قمنا بجمع معلومات من حسابات تويتر لـ 59 مقاتلا من أصول غربية من الموجودين في سوريا. وقد استخدم أعضاء فريق البحث حساباتهم الشخصية في تويتر لتحديد المقاتلين الأجانب المحتملين في سوريا. تمثلت العديد من المصادر التي قادت عملية البحث في المحتويات الإخبارية، والمدونات، والتقارير الصادرة عن وكالات إنفاذ القانون والمراكز البحثية. وقد تم الوصول إلى 60 حسابا تم تحديدهم مبدئيا ولكنَّ أحدهم كان غير نشط في ذلك الوقت وبالتالي تم استبعاده من التحليل. (كما تم استبعاد الحسابات التي لم يكن لها نشاط مستمر من مجموع البيانات على افتراض أنها حسابات “مراقبة” أنشئت لمتابعة الحراك). وقد دوّنت الحسابات الـ 59 الباقية ما مجموعه 154119 تغريدة (بمتوسط ​​ 2612 تغريدة للحساب الواحد). بينما كان لديهم 892 متابعا followers ، ويتابعون 184 حسابا. وفي المتوسط، نشر كل حساب 85 ​​صورة و 91 مقطع فيديو.

عادة ما كان يتم تحديد جنسية أصحاب الحسابات على أساس اللغة المهيمنة على التغريدات (الإنجليزية أو الألمانية على سبيل المثال). بالإضافة إلى المعلومات الأخرى ذات الصلة التي يتم استخلاصها من تلك الحسابات عندما تكون متاحة. وفي بعض الحالات، كانت توجد معلومات إضافية عن أصحاب تلك الحسابات متاحة من تدويناتهم على تطبيقات أخرى من وسائل التواصل الاجتماعي (مثل فيسبوك أو يوتيوب). وكثيرا ما كان يصعب تحديد جنسية صاحب الحساب، وقد استطعنا تحديد الدول التي ينتمي إليها 27 حسابا فقط من بين تلك الحسابات (بنسبة 44%). أكثر من نصفها ينتمي أصحابها إلى فرنسا والمملكة المتحدة. كما حددنا ثلاثة أمريكيين في الحسابات الأولى التي تم رصدها مبدئيا، ولكنَّ عددا من الأميريكيين الآخرين بدا مؤثرا في الشبكة الجهادية الأوسع.

وفي بعض الأحيان، وجدنا أنفسنا نعتمد على التخمينات المتاحة. فقد تم تحديد جنسية أبي فلان المهاجر ،الذي يغرّد بالمعرَّف @ fulan2weet، على أنه دنماركي، لأنه بدأ التغريد أثناء وجوده في الدنمارك قبل الذهاب إلى سوريا. ومع ذلك، لم يسبق له أبدا أنْ غرّد باللغة الدنماركية، إلا أنه يستخدم اللغة الإنجليزية الدارجة ببراعة لدرجة لا تعتقد معها أنه دنماركي. ولم يستجب “أبو فلان” لسؤالنا عن جنسيته.

باستخدام منهجية كرة الثلج تعاملنا مع الحسابات الأصلية كنواة بداية لشبكة من المتابِعين والمُتابَعين، وتم الوصول إلى مجموعة بيانات أوسع تغطي الشبكة بالكامل. تتكون مجموعة البيانات الأكبر ،التي تتألف من حوالي 29000 حسابا على تويتر، من جميع الحسابات التي تتابع أو يتابعها الحسابات المبدئية الـ 59 في هذه الشبكة. وكان الغرض من جمع تلك البيانات الموسعة هو تحليل الشبكة واسعة النطاق التي يتابعها المقاتلون الغربيون في سوريا ويوجهون تغريداتهم. كانت الحسابات التي تهيمن على هذه الشبكة واضحة وأكثر أهمية من أي من الحسابات المبدئية التي تم البدء بها. ومن الجدير بالملاحظة أن عددا من المنظمات المحلية والدعاة قد لعبوا أدوارا مهيمنة في تلك الشبكة. كما برزت أيضا الحسابات الرسمية لمنظمات إرهابية معينة داخل وخارج ساحات القتال. فعلى سبيل المثال، تم التعرف على 12 حسابا تنتمي إلى منظمات وكيانات إرهابية معروفة.

بلغ متوسط تغريد المقاتلين الأجانب ​​في مجموعة البيانات التي تم جمعها 2612 تغريدة. يتواصل عدد منهم كثيرا كل يوم، وبعضهم ينشط حسابه كل خمس أو عشر دقائق. وبشكل عام، يتم استخدام المشاركات posts للتواصل على نحو أسرع، وتشكّل التغريدات 93% من مجموع المشاركات. ومع ذلك، احتوت المشاركات على صور سياحية لقطط ومقابلات مع الأصدقاء تتخللها صور رؤوس مقطوعة وإعدامات مروّعة، كما جمعنا أيضا عينة من ملفات الصور وأخضعناها لتحليل المحتوى.

نورد أولا نتائج تحليلاتنا لمجموعة الحسابات المبدئية البالغ عددها 59 حسابا في الشبكة، جنبا إلى جنب مع تحليل أحدث محتوى لتغريداتهم. ثم ننتقل بعد ذلك إلى وصف الشبكة التالية الأوسع نطاقا. فباستخدام أدوات تحليل محتوى شبكات التواصل الاجتماعي، استطعنا تحديد أهم ناشري المحتوى الذين يوجهون زخم المحتوى الجهادي على تويتر. ولسوء الحظ، تجاوز نطاق مجموعة البيانات الأوسع التي تم جمعها من شبكة تويتر قدرة منصاتنا التحليلية، ومن ثمّ لم نتمكن من تقديم وصف تحليلي أكثر إمعانا. وعلاوة على ذلك، فإن الشبكة المحددة التي تم تحديدها بواسطة منهجية كرة الثلج تتشكّل فقط من شريحة واحدة من الشبكة العالمية الموجودة على موقع تويتر. فإذا قام أحد الباحثين بضم مجموعة مختلفة من الحسابات المبدئية (على سبيل المثال، مجموعة حسابات المتعاطفين الموجودين في قطر) قد يتوصل إلى مجموعة مختلفة من قادة الشبكات الجهادية.

استخدام تويتر من قِبل المقاتلين الغربيين

يقضي المقاتلون الأجانب أكثر من 70% من أوقات نشاطهم على تويتر في إعادة تغريد محتوى الآخرين بدلا من نشر تغريداتهم. وعادة ما يستخدمون لغتهم الأم عندما يغردون بأنفسهم، حتى عندما يكون مضمون المحتوى متعلقا بالعقيدة أو التعاليم الدينية. وقد استُخدمت اللغات الغربية الأصلية في 85% من مجموع المحتوى المنشور بواسطة الحسابات الـ59 التي تم رصدها في البداية. بينما تم استخدام اللغة العربية بنسبة 9.4٪ ومزيجا من العربية واللغات الأجنبية الأخرى للمقاتلين بنسبة 5.7٪.

في المتوسط، يمتلك كل حساب من تلك الحسابات عددا من المتابعين followers أكثر من العدد الذي يتابعه على تويتر following: 892 متابِعا في مقابل متابعة 184 حسابا. بعض هؤلاء المغردين من ذوي الشهرة ،مثل أبي طلحة الألماني، مغني الراب المعروف سابقا باسم ديزو دوغ الذي أصبح مقاتلا أجنبيا مقيما في سوريا. كما يوجد أربعة وأربعون حسابا أو 73% من بين الحسابات المبدئية التي تم رصدها يمتلك عددا من المتابعين أكثر من العدد الذي يتابعه هو. ويبدو أن قرابة ثلاثة من بين كل أربعة مقاتلين أجانب من أصل غربي ممن يستخدمون تويتر يحظى بتأثير كبير كأحد دعاة العنف الجهادي.

في سياق مقارَن، على سبيل المثال، مع شخصية مشهورة مثل جستين بيبر، ليس للجهاديين شعبية كبيرة، ولكن بالمقارنة مع مستخدمي تويتر العاديين، الذين يُقال عادةً أنّ لديهم 61 متابعا، يعتبر الجهاديون من المشاهير الثانويين. ثلاثة أرباع جميع الحسابات الموجودة على تويتر يتابعون حسابات أكثر من الحسابات التي تتابعهم. وبالتالي، فإن الجهاديين يبلون بلاء حسنا على هذا الصعيد. وخلاصة القول، إنهم منتجو التأثير وليسوا مستهلكوه.(12)

تم تحديد الحسابات الغربية العشرين الأكثر نشاطا من خلال ترتيبها وفق عدد المتابعين وحجم النشاط الذي يوضحه عدد التغريدات كما هو مبيَّن في الجدول رقم 1. بالإضافة إلى مجموع نقاط درجة المركزية، وهو مقياس تحليلي لشبكات التواصل الاجتماعي يوضح حجم الشعبية في الشبكة العنكبوتية.

كثيرا ما يصعب تحديد هوية أصحاب الحسابات. حيث تعود بعض الحسابات إلى أفراد، ولكن حسابين منهم على الأقل تتم إدارتهما نيابةً عن بعض المنظمات. وفي بعض الحالات، يتم إنشاء حسابات مختلفة تخص نفس الأفراد وتحمل أسمائهم بعد موتهم. يرجع المعرّف I_JamanI@ إلى حساب افتخار جمان، المعروف أيضا باسم أبو عبد الرحمن البريطاني، وهو شخص يبلغ من العمر 23 عاما من بورتسموث بإنجلترا، مات وهو يقاتل في سوريا في ديسمبر 2013 مع تنظيم الدولة الإسلامية قبل الشروع في جمع بياناتنا. وكان شخصية بارزة في شبكة المهاجرين البريطانيين ورفيق الداعية أنجم تشودري. ويوضّح الشكل 2 باقي الحسابات الأخرى.

تبدو الحسابات: ISILTWEEP, A1Ghurabaa, Salafi Jihadi كأبواق إعلامية شبه رسمية للعديد من المنظمات التي تقع جميعها تحت مظلة تنظيم الدولة الإسلامية. تتم إدارة الحساب ISILTWEEP بواسطة أبي دجانة المهاجر الذي يستخدم حسابا آخر تحت مسمى @AbuDujanaBritani. يضطلع أبو دجانة بدور إرشاديّ كـدور “Dear Abby” (عمود صحفي استشاري ظهر في العام 1956 حررته الصحفية الأمريكية بولين فيليبس. المترجم) للمقاتلين الغربيين التوّاقين إلى الإنضمام لساحات القتال. وهو مصدر أثير لدى الصحفيين ويشارك أحيانا في مداخلات عبر الإنترنت، وتشير الصور التي يظهر فيها إلى وجوده في محافظة الرقة.

بينما يعتبر أبو أسامة @A1Ghurabaa أحد أفراد شبكة المهاجرين البريطانية. وهو المتكفل بالعديد من مشاريع الحيوانات الأليفة للداعية أنجم تشودري، كما يدعم هذا الحساب أيضا الداعية الأمريكي أحمد موسى جبريل. بشكل رئيسيّ، ينشر الحساب التوجيهات اللازمة لواجبات وأهداف المؤمنين. وليس هناك ما يشير إلى وجوده خارج المملكة المتحدة. في حين يبدو أن حساب Salafi Media كمكتب صحفي لتوزيع الأجانب الذين يقاتلون مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. بالإضافة إلى دعم بعض الدعاة المحددين من الناطقين باللغة الإنجليزية ممن يؤازرون شبكة المهاجرين ،مثل أحمد موسى جبريل والداعية الاسترالي موسى سيرانتونيو، لنفس أسباب الحساب السابق، إلا أنه يبدو أن مقر صاحب هذا الحساب موجودا في مدينة الرقة. حيث تهيمن على تغريداته صور وأخبار وحدات المقاتلين التي تتألف من الأجانب ويقودها الشيشاني.

وبحلول شهر أغسطس 2014، ظلّ حساب @A1Ghurabaa نشطا ولكنه اعتمد سياسة الحسابات المحمية protected ، وهو ما يعني أن المتابِعين المعتمَدين فقط هم من يمكنهم رؤية محتوى تغريداته. بينما تم تعطيل حساب ISILTWEEP. وظل حساب Salafi Jihadi نشطا، كما حافظ أبو دجانة البريطاني على حسابه الموازي على موقع ask.fm. ويبين الجدول 2 معلومات أكثر تفصيلا عن تلك الحسابات.

يوجد عدد من المنظمات المتجذرة بعمق في شبكة المقاتلين الغربيين القائمة على تويتر التي رصدناها عند جمع البيانات. كان على رأسها حساب الداعية أنجم تشودري من المملكة المتحدة. واثنان من الحسابات الأخرى التي يديرها بريطانيون ،وفي كلتا الحالتين على ما يبدو مقرهما في المملكة المتحدة، وهما Millatu Ibrahim و SalafiMediaUK. وبدأت تسمية “Millatu Ibrahim” كإشارة للفصيل المقيم في ألمانيا بقيادة محمد محمود وهو النمساوي الذي أدار سابقا بوابة القاعدة، الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية. ومنذ انتهاء الجولة الأخيرة من حظر منظمة تشودري، هاجر الاسم إلى خارج المملكة المتحدة. حيث تنتمي ثلاثة من أهم المنظمات الناطقة باللغة الإنجليزية والداعمة لحسابات تويتر إلى الشركات التابعة لشبكة المهاجرين.

كما توجد ثلاثة حسابات أخرى باللغة الإنجليزية أو لغة مختلطة من الإنجليزية والعربية ترتبط بالمنظمات الإرهابية الرئيسية في سوريا والعراق: تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة. وتعد منظمة “De Wahre Religie” بمثابة الفرع الهولندي للمنظمة الأم الموجودة في ألمانيا ولكنها أصبحت الآن مجرد واجهة لشركة تشودري. ومن الواضح أن استخدام اللغة الإنجليزية مسألة مهمة لشعبية الحسابات. لذلك، يُتابِع الحساب الهولندي عددا أقلّ مقارنةً بالحسابات الأخرى. عادةً، لا تتابِع الحسابات التنظيمية organizational accounts أي حسابات أخرى وتنحصر مهمتها بشكل أساسيّ في بثّ المعلومات للمتاِبعين. كان حساب SalafiMediaUK هو الحساب الوحيد الذي أكد على أهمية نشر مقاطع الفيديو.



شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.